منتدى نجـــــــــــــــــــــمة المرام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ألجمتني المفاجأة ، مستحيل

اذهب الى الأسفل

ألجمتني المفاجأة ، مستحيل Empty ألجمتني المفاجأة ، مستحيل

مُساهمة  Admin السبت مايو 28, 2011 9:20 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاه والسلام على اشرف الخلق اجمعين



ورقة صغيرة كُتبت بخطٍ غير واضح ، تمكنت من قراءتها بصعوبة بالغة ... مكتوب بها

فضيلة الشيخ : هل لديك قصة عن أصحاب أو أخوان ... أثابك الله
كانت صيغة السؤال غير واضحة ، والخط غير جيد
سألت صديقي : ماذا يقصد بهذا السؤال ؟
وضعتها جانباً ، بعد أن قررت عدم قراءتها على الشيخ
أذن المؤذن لصلاة العشاء
توقفت المحاضرة ، وبعد الآذان عاد الشيخ يشرح للحاضرين ، طريقة تغسيل وتكفين الميت عمليا
ومضى الشيخ يتحدث في محاضرته والوقت يمضي
وبعدها قمنا لآداء صلاة العشاء
وأثناء ذلك أعطيت أوراق الأسئلة للشيخ ومنحته تلك الورقة التي قررت أن استبعدها ، ظننت أن المحاضرة قد انتهت
وبعد الصلاة طلب الحضور من الشيخ أن يجيب على الأسئلة
عاد يتحدث وعاد الناس يستمعون ومضى السؤال الأول والثاني والثالث
هممت بالخروج ، استوقفني صوت الشيخ وهو يقرأ السؤال
قلت : لن يجيب فالسؤال غير واضح
لكن الشيخ صمت لحظة ثم عاد يتحدث


جاءني في يوم من الأيام جنازة لشاب لم يبلغ الأربعين ومع
الشاب مجموعة من أقاربه ، لفت انتباهي ، شاب في مثل سن الميت يبكي بحرقة ، شاركني الغسيل ، وهو بين خنين ونشيج وبكاء رهيب يحاول كتمانه ، أما دموعه فكانت تجري بلا انقطاع
وبين لحظةٍ وأخرى أصبره وأذكره بعظم أجر الصبر
ولسانه لايتوقف عن قول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ل***ل ولاقوة إلا بالله

هذه الكلمات كانت تريحني قليلاً
بكاؤه أفقدني التركيز ، هتفت به بالشاب
إن الله أرحم بأخيك منك ، وعليك بالصبر
التفت نحوي وقال : إنه ليس أخي
ألجمتني المفاجأة ، مستحيل ، وهذا البكاء وهذا النحيب
نعم إنه ليس أخي ، لكنه أغلى وأعز أليّ من أخي
سكت ورحت أنظر إليه بتعجب ، بينما واصل حديثه
- إنه صديق الطفولة ، زميل الدراسة
، نجلس معاً في الصف وفي ساحة المدرسة ، ونلعب سوياً في الحارة ، تجمعنا براءة الأطفال مرحهم ولهوهم
- كبرنا وكبرت العلاقة بيننا ، أصبحنا لا نفترق إلا دقائق معدودة ، ثم نعود لنلتقي ، تخرجنا من المرحلة الثانوية ثم الجامعة معاً
التحقنا بعمل واحد تزوجنا أختين ، وسكنا في شقتين متقابلتين
رزقني الله بابن وبنت ، وهو أيضاً رُزق ببنت وابن
عشنا معاً أفراحنا وأحزاننا ، يزيد الفرح عندما يجمعنا ، وتنتهي الأحزان عندما نلتقي
اشتركنا في الطعام والشراب والسيارة
نذهب سوياً ونعود سوياً
واليوم ... توقفت الكلمة على شفتيه وأجهش بالبكاء
يا شيخ هل يوجد في الدنيا مثلنا
خنقتني العبرة ، تذكرت أخي البعيد عني ، لا .. لا يوجد مثلكما
أخذت أردد ، سبحان الله ، سبحان الله ، وأبكي رثاء لحاله
أنتهيت من غسله ، وأقبل ذلك الشاب يقبله لقد كان المشهد مؤثراً ، فقد كان ينشق من شدة البكاء ، حتى ظننت أنه سيهلك في تلك اللحظة راح يقبل وجهه ورأسه ، ويبلله بدموع

أمسك به الحاضرون وأخرجوه لكي نصلي عليه
وبعد الصلاة توجهنا بالجنازة إلى المقبرة
أما الشاب فقد أحاط به أقاربه
فكانت جنازة تحمل على الأكتاف ، وهو جنازة تدب على الأرض دبيباً
وعند القبر وقف باكياً ، يسنده بعض أقاربه
سكن قليلاً ، وقام يدعو ، ويدعو
انصرف الجميع
عدت إلى المنزل وبي من الحزن العظيم ما لا يعلمه إلا الله ، وتقف عنده الكلمات
عاجزة عن التعبير
وفي اليوم الثاني وبعد صلاة العصر ، حضرت جنازة لشاب ، أخذت اتأملها ، الوجه ليس غريب ، شعرت بأنني أعرفه ، ولكن أين شاهدته
نظرت إلى الأب المكلوم ، هذا الوجه أعرفه
تقاطر الدمع على خديه ، وانطلق الصوت حزيناً
يا شيخ لقد كان بالأمس مع صديقه
يا شيخ بالأمس كان يناول المقص والكفن ، يقلب صديقه ، يمسك بيده ، بالأمس كان يبكي فراق صديق طفولته وشبابه ، ثم انخرط
في البكاء
انقشع الحجاب ، تذكرته ، تذكرت بكاءه ونحيبه
رددت بصوت مرتفع :كيف مات ؟
عرضت زوجته عليه الطعام ، فلم يقدر على تناوله ، قرر أن ينام وعند صلاة العصر جاءت لتوقظه فوجدته ، وهنا سكت الأب ومسح دمع تحدر على خديه ،
رحمه الله لم يتحمل الصدمة في وفاة صديقه ، وأخذ يردد : إنا لله وإنا إليه راجعون

إنا لله وإنا إليه راجعون ، اصبر واحتسب ، اسأل الله أن يجمعه مع رفيقه في الجنة ، يوم أن ينادي الجبار عز وجل : أين المتحابين فيِّ اليوم أظلهم في ظلي يوم لاظل إلا ظلي
قمت بتغسيله ، وتكفينه ، ثم صلينا عليه
توجهنا بالجنازة إلى القبر ، وهناك كانت المفاجأة
لقد وجدنا القبر المجاور لقبر صديقه فارغاً
قلت في نفسي مستحيل : منذ الأمس لم تأت جنازة ، لم يحدث هذا من قبل
أنزلناه في قبره ، وضعت يدي على الجدار الذي يفصل بينهما ، وأنا أردد ،
يالها من قصة عجيبة
، اجتمعا في الحياة صغاراً وكباراً ، وجمعت القبور بينهما أمواتاً
خرجت من القبر ووقفت ادعو لهما : اللهم أغفر لهما وأرحمهما ، اللهم واجمع
بينهما في جنات النعيم على سرر متقابلين ، في مقعد
صدق عند مليك مقتدر ،
ومسحت دمعة جرت ، ثم انطلقت أعزي أقاربهما
انتهى الشيخ من الحديث ، وأنا واقف قد أصابني الذهول ، وتملكتني الدهشة ، لا إله إلا الله ، سبحان الله ،
وحمدت الله أن الورقة وصلت للشيخ وسمعت هذه القصة المثيرة ، والتي لو حدثني بها أحد لما صدقتها
وأخذت ادعو لهما بالرحمة والمغفرة

قصة ذكرها الشيخ عباس بتاوي مغسل الأموات
Admin
Admin
Admin

عدد المساهمات : 95
نقاط : 274
تاريخ التسجيل : 03/04/2011
العمر : 32

https://najmah123.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى